الرد على عدنان إبراهيم في اتهامه معاوية رضي الله عنه

( الرد على عدنان إبراهيم في اتهامه للصحابي الجليل أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه )

بسم الله الرحمن الرحيم ..

والصلاة والسلام على إمام المرسلين وسيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين  ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..

هذه رسالة صغيرة في الرد على د.عدنان إبراهيم الذي نشر في خطبته المعنونه ب (بداية كارثتنا) شبهاً كثيرة عن سيدنا أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه والخطبة موجودة في موقعه على الانترنت.

وطريقتي في الرد هو تناول هذه الشبه واحدة تلو الأخرى وفق ترتيبها المذكور في الخطبة والرد عليها بردود علمية مؤصلة مستنداً على ما قاله علماء الأمة المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين في هذه الشبه التي ذكرت و التي ادعاها صاحب الخطبة وكذلك معتمداً على ما حققه علماء الحديث و التاريخ المعاصرون، محيلاً إلى المصادر التي نقلت عنها بطبعاتها والصفحة والجزء.

ولن أتطرق إلى السب والكلام الجارح الذي ذكر في الخطبة عن صاحب رسول الله ، فالله يحاسبه على هذا السب الشنيع والتجرؤ الفظيع ( ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء )[1].

وبداية أورد للأخوة نبذة عن فضل صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحكم التجرؤ عليهم وشيئاً من فضائل أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – :

فضل الصحابة رضوان الله عليهم والنهي عن سبهم والتجرؤ عليهم :

قال الحافظ ابن حجر في الإصابة : للصّحابة- رضي اللَّه عنهم أجمعين- خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، وذلك أمر مسلّم به عند كافّة العلماء، لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الشرع من الكتاب والسّنة، وإجماع من يعتدّ به في الإجماع من الأمّة.[2]

عن أبي سعيد عن النّبي- عليه السّلام- قال: «لا تسبّوا أصحابي، فو الّذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه».[3]

قال الإمام النووي في شرح مسلم : واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل .[4]

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين».[5]

قال ابن عبّاس: أصحاب محمد صلّى اللَّه عليه وسلم اصطفاهم اللَّه لنبيه عليه السّلام.[6]

قال أبو زرعة الرّازيّ: إذا رأيت الرّجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أنّ الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة، وهؤلاء الزّنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسّنّة فالجرح بهم أولى.[7]

وذكري لأقوال العلماء في فضل الصحابة للاستئناس لا للاستدلال كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة, قال – رحمه الله – : وهذا الثّناء للاستئناس وليس للتّدليل إذ لا يصحّ القول مع اللَّه عزّ وجلّ ورسوله – صلّى اللَّه عليه وسلم – حيث نص اللَّه ورسوله على عدالتهم، فهل بعد تعديل اللَّه عز وجل رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم تعديل؟!! فأقول وللَّه الحمد والمنّة.[8]

من فضائل أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه:

  1. عن عمير بن الأسود العنسي، حدثه – أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له، ومعه أم حرام – قال: عمير، فحدثتنا أم حرام: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا» ، قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: «أنت فيهم» ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم» ، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: «لا».[9]

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر.[10]

  1. عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر معاوية، وقال: ” اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به “.[11]
  2. عن العرباض بن سارية السلمي قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان: ” هلم إلى الغداء المبارك ” ثم سمعته يقول: (اللهم علِّم معاوية الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب).[12]
  3. عن مجاهد، وعطاء، عن ابن عباس، أن معاوية، أخبره: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قصر من شعره بمشقص ” فقلت لابن عباس: ما بلغنا هذا الأمر  إلا عن معاوية؟ فقال: ” ما كان معاوية، على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهماً”.[13]
  4. حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع بن عمر، حدثني ابن أبي مليكة، قيل لابن عباس: ” هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: «أصاب، إنه فقيه».[14]

بعض الأحاديث التي رواها معاوية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم :

  1. حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة ، عن حبيب بن الشهيد، قال: سمعت أبا مجلز، قال: دخل معاوية، على عبد الله بن الزبير وابن عامر، قال: فقام ابن عامر، ولم يقم ابن الزبير، قال: وكان الشيخ أوزنهما، قال: فقال: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أحب أن يمثل له عباد الله قياما، فليتبوأ مقعده من النار “.[15]
  1. عن معاوية بن أبي سفيان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين “.[16]
  1. سمعت معاوية بن أبي سفيان، ذكر حديثا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم أسمعه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا غيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ولا تزال عصابة من المسلمين، يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة “.[17]

ومن أراد أن يستزيد فليرجع إلى مسند الإمام أحمد وغيره من كتب السنن.

تنبيه:قبل الدخول في النقاش العلمي وبعد عرضي للمقدمات التي تدل على فضل معاوية رضي الله عنه ، أود أن أنبه الإخوة إلى أني لا أدعي العصمة لمعاوية رضي الله عنه فلا أحد معصوم سوى الأنبياء عليهم السلام ، وأقر كما أقر بذلك علماء أهل السنة والجماعة وأنا تابع لهم مقتفٍ لأثرهم ، أن معاوية رضي الله عنه  اجتهد في أمرين وجانبه الصواب بهما وهما : الأول: قتاله لعلي بن أبي طالب وتمسكه بقتل قتلة عثمان قبل مبايعة علي رضي الله عنه وأرضاه فالحق في هذا الأمر كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

الثاني: تولية الخلافة لابنه يزيد فهو اجتهد رضي الله عنه في جمع الأمة على خليفة من بعده حتى لا تختلف وتدب الفتنة فيها ، لكنه لم يصب في اختيار ابنه للخلافة لوجود من هو أفضل منه من خيار الصحابة كالحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، وكذلك في أنه جعل انتقال الخلافة بالوراثة بعد أن كانت بالشورى.

ولكننا لا نطعن فيه ولا نفتري عليه ، وحسبنا ما قاله العلماء الأفاضل في هذا الأمر.

ونأتي الآن على الشبه التي ذكرها عدنان إبراهيم على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه :

أولاً : الشبهة الأولى: حديث : ( لا تدري ما أحدثوا بعدك .. ) :

ذكر عدنان إبراهيم هذا الحديث واستدل به على أن هناك من أحدث وبدّل من الصحابة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وجعل عدنان إبراهيم معاوية رضي الله عنه من الذين أحدثوا وبدلوا بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، واعتقد بذلك ثم استدل بما ذكره في بقية الخطبة.

وبداية أورد نص الحديث كاملاً كما جاء في صحيح البخاري و الإمام مسلم في صحيحه واللفظ للبخاري :

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ، ثُمَّ قَالَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قَالَ: ” أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117] فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ “[18]

  • شرح العلماء لهذا الحديث وبالتحديد قوله صلى الله عليه وسلم : ” فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ” :

شرح الإمام النووي : وأما أصيحابي فوقع في الروايات مصغرا مكررا وفي بعض النسخ أصحابي أصحابي مكبرا مكررا قال القاضي: هذا دليل لصحة تأويل من تأول أنهم أهل الردة ولهذا قال فيهم سحقا سحقا ولا يقول ذلك في مذنبي الأمة بل يشفع لهم ويهتم لأمرهم.[19]

شرح الإمام ابن حجر العسقلاني: أصيحابي كذا للأكثر بالتصغير وللكشميهني بغير تصغير قال الخطابي فيه إشارة إلى قلة عدد من وقع لهم ذلك وإنما وقع لبعض جفاة العرب ولم يقع من أحد الصحابة المشهورين.[20]

شرح الإمام العيني لعبارة (إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ ) : وقال الخطابي: الإرتداد هنا التأخير عن الحقوق اللازمة والتقصير فيها، قيل: هو مردود، لأن ظاهر الإرتداد يقتضي الكفر لقوله تعالى: {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} (آل عمران: 441) . أي: رجعتم إلى الكفر والتنازع، ولهذا قال: بعدا لهم وسحقا، وهذا لا يقال للمسلمين، فإن شفاعته للمذنبين. فإن قلت: كيف خفي عليه حالهم مع إخباره بعرض أمته عليه؟ قلت: ليسوا من أمته، وإنما يعرض عليه أعمال الموحدين لا المرتدين والمنافقين، وقال ابن التين: يحتمل أن يكونوا منافقين أو مرتكبي الكبائر من أمته، قال: ولم يرتد أحد من أمته، ولذلك قال: على أعقابهم، لأن الذي يعقل من قوله: المرتدين الكفار إذا أطلق من غير تقييد، وقيل: هم قوم من جفاة العرب دخلوا في الإسلام أيام حياته رغبة ورهبة: كعيينة بن حصين، جاء به أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، أسيرا، والأشعث بن قيس، فلم يقتلهما ولم يسترقهما، فعادوا الإسلام. وقال النووي: المراد به المنافقون والمرتدون.[21]

وعلى هذا نرى أن كلام العلماء الذين أجمعت الأمة على تقديم شرحهم لأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، أن هؤلاء المبدلين هم أهل الردة والجفاة من العرب وهذا ما نصوا عليه رحمهم الله ولم يقع ذلك من الصحابة المشهورين ولا أحد ينكر أن معاوية رضي الله عنه من مشاهير الصحابة ، فكيف يدعي عدنان أن معاوية منهم ، على ماذا اعتمد واستدل ؟!

وأقول : معاوية رضي الله عنه جعله رسول الله –صلى الله عليه وسلم – كاتباً له بين يديه وذكر له – صلى الله عليه وسلم- عدداً من الفضائل و روى معاوية عن رسول الله عدداً من الأحاديث وأخذ منه الفقه ومن كبار الصحابة حتى صار من الطبقة الثانية من أكثر الصحابة فتيا ، ثم استعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ولاية الشام بعد أخيه يزيد ثم استعمله عثمان رضي الله عنه فمكث في ولاية الشام عشرين عاماً.

فإن كان الغيب حُجِب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُبلغ بأسماء من أحدث وبدل بعده ، فهل اطلع عليه عدنان حتى يجعل معاوية منهم ؟!!

وهل كان عمر وعثمان رضي الله عنهم غافلين عن معاوية لما أوكلوا إليه إمارة الشام التي هي من أعظم بلاد الإسلام ؟! و لو قلنا جدلاً أن معاوية بدّل بعد عهد الخلفاء الراشدين ! فلماذا بايعه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالخلافة وعلى رأسهم الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير والأمة كلها ؟! ألم يكونوا يعلمون أنه بدّل كما زعم عدنان وهم الذين كانوا يعلمون بحاله عن قرب ويميزون بين الحق والباطل و لا يخافون في الله لومة لائم.

فهذا الادعاء أرى أنه تأَلَي على الله تعالى وادعاء علم الغيب بمعرفة من بدّل من الصحابة وتعيينهم دون نص أو دليل ، وافتراء على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وخلفائه الذين وثقوا بمعاوية رضي الله عنه كل الثقة وأوكلوا له المهمات العظيمة التي لا تعطى إلا لمن خَلُص دينه لله تعالى وكان أهلاً لهذه المهمات ، وكذلك هو افتراء على الحسن بن علي سبط رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والصحابة رضوان الله عليهم الذين بايعوا معاوية على الخلافة في عام الجماعة ، وأيضاً هو تكذيب لصريح قوله – صلى الله عليه وسلم – : ” إن ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين”[22]. فرسول الله نص على أن الفئتين من المسلمين ومعاوية رضي الله عنه على رأس إحدى الفئتين ، فإن كان مسلماً بالنص الصريح فكيف يكون مبدلاً بالتأويل؟ فما بالك إن كانت هذه التهمة بالتلفيق ؟!!

 

ثانياُ: الرد على الشبهة الثانية: أثر ( لماذا لا تسب أبا تراب ) وشبهة سب معاوية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أولاً: أرغب بإدراج نص الحديث كاملاً من صحيح مسلم مع شرح العلماء له:

نص الحديث: عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبوة بعدي» وسمعته يقول يوم خيبر «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» قال فتطاولنا لها فقال: «ادعوا لي عليا» فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} [آل عمران: 61] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: «اللهم هؤلاء أهلي».[23]

شرح النووي على مسلم: قوله (إن معاوية قال لسعد بن أبي وقاص ما منعك أن تسب أبا تراب) قال العلماء الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي يجب تأويلها قالوا ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله فقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدا بسبه وإنما سأله عن السبب المانع له من السب كأنه يقول هل امتنعت تورعا أو خوفا أو غير ذلك فإن كان تورعا وإجلالا له عن السب فأنت مصيب محسن وإن كان غير ذلك فله جواب آخر ، ولعل سعدا قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم وعجز عن الإنكار وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال قالوا ويحتمل تأويلا آخر أن معناه ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ قوله.[24]

وأقول : بالمنطق والعقل من المعلوم إن أفضل لقب ونداءٍ يحب أن ينادى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب هو (أبا تراب) وذلك لأن من لقبه بهذا اللقب هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فكيف يطلب معاوية من سعد أن يسبه – كما يزعم عدنان إبراهيم في تأويله – ومعاوية يناديه ويسميه بأجمل وأحب الألقاب إليه ؟!!

وذكر السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه في لفظ آخر للحديث:

قوله: (فنال منه) أي نال معاوية من علي ووقع فيه وسبه بل أمر سعدا بالسب كما: قيل في مسلم والترمذي ومنشأ ذلك الأمور الدنيوية التي كانت بينهما – ولا حول ولا قوة إلا بالله – والله يغفر لنا ويتجاوز عن سيئاتنا ومقتضى حسن الظن أن يحمل السب على التخطئة ونحوها مما يجوز بالنسبة إلى أهل الاجتهاد لا اللعن وغيره.[25]

أما ما يتعلق باتهام معاوية رضي الله عنه أن أمر بسب علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنابر، فأكتفي بنقل ما ذكر المؤرخ الكبير د.علي الصلابي – حفظه الله – في كتابه معاوية بن أبي سفيان :

قال د.الصلابي: تذكر كتب التاريخ أن الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز كانوا يشتمون علي، وهذا الأثر الذي ذكره ابن سعد لا يصح، قال ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن لوط بن يحي، قال: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلاً رضي الله عنه، فلما ولي هو ـ عمر بن عبد العزيز ـ أمسك عن ذلك، فقال كثير عزة الخزاعي:

وليت فلم تشتم علياً ولم تخف … برياً ولم تتبع مقالة مجرم

تكلمت بالحق المبين وإنما … تبين آيات الهدى بالتكلم

فصدَّقت معروف الذي قلت … بالذي فعلت فأضحى راضياً كل مسلم

فهذا الأثر واهٍ، فعلي بن محمد هو المدائني فيه ضعف وشيخه لوط بن يحي (أبومخنف)، واهٍ بمرة، قال عنه يحي بن معين: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال الدارقطني: أخباري ضعيف ووصفه في الميزان: أخباري تالف لا يوثق به ، وعامة روايته عن الضعفاء والهلكى و المجاهيل، وقد اتهم الشيعة معاوية رضي الله عنه بحمل الناس على سب علي ولعنه فوق منابر المساجد، فهذه الدعوة لا أساس لها من الصحة، والذي يقصم الظهر أن الباحثين قد التقطوا هذه الفرية على هوانها دون إخضاعها للنقد والتحليل، حتى صارت عند المتأخرين من المُسلَّمات التي لا مجال لمناقشتها، ولم يثبت قط في رواية صحيحة، ولا يعول على ما جاء في كتب الدميري، واليعقوبي وأبي الفرج الأصفهاني، علماً بأن التاريخ الصحيح يؤكد خلاف ما ذكره هؤلاء . من احترام وتقدير معاوية لأمير المؤمنين علي وأهل بيته الأطهار.انتهى.[26]

قلت: ومنها :

  1. حدثني يعلى بن عبيد، قال: حدثنا أبي، قال: قال أبو مسلم الخولاني وجماعة لمعاوية: أنت تنازع عليا! أم أنت مثله؟ فقال: لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدمه، فأتوا عليا فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان وأسلم له. فأتوا عليا فكلموه بذلك، فلم يدفعهم إليه.[27]
  1. وعن قيس بن أبي حازم قال: سأل رجل معاوية عن مسألة، فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم مني، قال: قولك يا أمير المؤمنين أحبّ إليّ من قول علي، قال: بئس ما قلت، ولؤم ما جئت به، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال له: ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي “، وكان عمر بن الخطاب يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه أمر قال: هاهنا علي بن أبي طالب. ثم قال للرجل: قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان.[28]
  1. قال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي: جاء رجل إلى عمي أبي زرعة فقال له: يا أبا زرعة! أنا أبغض معاوية. قال: لم؟ قال: لأنه قاتل علي بن أبي طالب. فقال له عمي: إن رب معاوية رب رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين؟.[29]

ثالثا: الرد على الشبهة الثالثة: شبهة شرب معاوية للخمر وقصة أبو بريدة :

أما هذه الشبهة التي ذكرها عدنان إبراهيم فهي مصيبة المصائب وذلك أن فيها تلفيقاً منه على الرواية الموجودة في مسند الإمام أحمد والذي قد نقلها من النسخة التي حققها الشيخ شعيب الأرناؤوط و وجدت أن عدنان إبراهيم تغافل عن ما ذكره الشيخ الأرناؤوط في تعليقه في الحاشية وسأورد لكم الرواية كاملة مع الحاشية التي أدرجها العلامة الشيخ شعيب الأرناؤوط :

رواية الإمام أحمد : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَنَا عَلَى الْفُرُشِ، ثُمَّ أُتِينَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ ” أُتِينَا بِالشَّرَابِ فَشَرِبَ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ نَاوَلَ أَبِي، ثُمَّ قَالَ: مَا شَرِبْتُهُ مُنْذُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ: كُنْتُ أَجْمَلَ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَأَجْوَدَهُ ثَغْرًا، وَمَا شَيْءٌ كُنْتُ أَجِدُ لَهُ لَذَّةً كَمَا كُنْتُ أَجِدُهُ وَأَنَا شَابٌّ غَيْرُ اللَّبَنِ، أَوْ إِنْسَانٍ حَسَنِ الْحَدِيثِ يُحَدِّثُنِي. [30]

* ما ذكره العلامة شعيب الأرناؤوط في حاشيته:

قال العلامة شعيب الأرناؤوط : إسناده قوي .. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/94-95 عن زيد بن الحُباب، به. ولفظه: دخلتُ أَنا وأَبي على معاوية، فأَجْلسَ أَبي على السَّرير، وأُتِيَ بالطعام فأطْعَمَنا، وأُتِيَ بشرابٍ فشربَ، فقال معاوية: ما شيءٌ كنت أَستلِذُّه وأنا شابٌّ فآخُذه اليومَ إلا اللَّبَنَ، فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم، والحديثَ الحسَنَ.

وأخرجه ابن عساكر ص 417 من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، به، بلفظ: دخلت مع أبي على معاوية.

وقوله: “ثم قال: ما شَرِبتُه منذ حرَّمَه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” أي: معاوية بن أبي سفيان، ولعله قال ذلك لِما رأَى من الكراهة والإنكار في وجه بريدة، لظنِّه أنه شرابٌ مُحرَّم، والله أعلم.[31]

قلت: و واضح من نص الرواية أنه لم ترد كلمة (الخمر) في النص أبداً ، فيتبين أن عدنان إبراهيم دسَّها في ثنايا الرواية دون أن يخبر بأن هذه الكلمة من إضافته أو من تفسيره وهذا خلافٌ لما تقتضيه الأمانة العلمية التي يجب على من تصدر لتوعية الناس وتثقيفهم أن يتحلى بها ، فما بالك إن كانت هذه الإضافة هي اتهام وقذف لصاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

وأيضاً فمن خلال قراءة نص الرواية قراءة متأنية نجد أن معاوية رضي الله عنه بلفظه هو قال أنه لمَا كان شاباً في قريش وعلى الكفر وابن سادات قريش لم يكن يحب شراباً غير اللبن. أي أنه رضي الله عنه حتى وهو كافر لم يكن يحب الخمر فما بالكم بحاله بعد دخوله في الإسلام وملازمته لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكبار الصحابة.

وأيها الأخوة هذا نص عدنان ابراهيم في خطبته حين ذكر هذا الحديث وهذا ما نص عليه في الخطبة المكتوبة وسمعته في خطبته المرئية الموجودة على موقع اليوتيوب لزيادة التوثيق:

عن عبد الله بن بريدة الصحابي قال: دخلت أنا وأبي على معاوية بن أبي سفيان ، أي في دمشق ، ثم أتينا بالطعام، فأصبنا منه، أو قال:أكلنا ، ثم أتينا بالشراب،الخمر،فشرب معاوية، وناول أبي، فقال:أي أبوه: ما شربته منذ حرّمه رسول الله.انتهى.[32]

ولن أذكر بقية السب والقذف الذي ذكره بعد تلفيقه هذا ، وكفى بهذا التلفيق والكذب أن يسقط عدالة هذا الرجل الذي أتانا ببهتانه هذا على صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }.[33]

أما كلام عدنان إبراهيم أن معاوية يتاجر بالخمور والأصنام فلم أجد ما ذكر لا في مسند الإمام أحمد ولا غيره من كتب السنة حسب علمي وبحثي و وجدت ما ذكر في مواقع الشيعة الإلكترونية.

 

رابعاُ: الرد على الشبهة الرابعة: شبهة قتل معاوية للحسن بن علي رضي الله عنهما بالسم.

وأيضا في رد هذه التهمة الساقطة أورد ما ذكره المؤرخ الجليل د.علي الصلابي – حفظه الله – في هذه المسألة وأكتفي بما ذكره لأنه حفظه الله جمع أقوال العلماء في هذه المسألة وحقق مرواياتها خير تحقيق فجزاه الله عن الصحابة والإسلام والمسلمين خير الجزاء ،وقد ذكر د.الصلابي كافة المصادر التي نقل عنها فمن أراد الرجوع إليها فليرجع إلى كتابه.

قال د.الصلابي: ذكرت بعض الروايات أن الحسن بن علي توفي متأثراً بالسم الذي وضع له، وقد اتجهت أصابع الاتهام نحو زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث بن قيس أمير كندة فهذه أم موسى سرية علي تتهم جعدة بأنها دست السم للحسن، فاشتكى منه شكاة: فكان يوضع تحته طست ، وترفع أخرى نحواً من أربعين يوماً ، وهذه رواية إسنادها لا يصح وهي ضعيفة ، وحاول البعض من الإخباريين والرواة أن يوجد علاقة بين البيعة ليزيد ووفاة الحسن، وزعموا أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة بنت قيس أن ُسمي حسناً فإني سأتزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء: فقال: إنا والله لم نرضك له أفنرضاك لأنفسنا ، وفي سندها يزيد بن عياض بن جعدية، كذبه مالك وغيره ، وقد وردت هذه الروايات في كتب أهل السنة بدون تمحيص، مع العلم أن أسانيد تلك الروايات أسانيدها ضعيفة .

1 ـ قال ابن العربي: فإن قيل: دس على الحسن من تسمَّه، قلنا هذا محال من وجهين: أحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأساً وقد سلَّم الأمر، الثاني: أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله، فكيف تحملونه بغير بيَّنة على أحد من خلقه في زمن متباعد ولم نثق فيه بنقل ناقل، بين أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية، ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي، فلا يقبل منها إلا الصافي، ولا يسمع فيها إلا من العدل الصميم .

2 ـ وقال ابن تيمية: وأما قوله: معاوية سمّ الحسن، فهذا ممن ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به، وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم. وقد جاء عن ابن تيمية في رده عن اتهام معاوية بسمّ الحسن وأنه أمر الأشعث بن قيس بتنفيذ هذه الجريمة وكانت ابنته تحت الحسن، حيث قال: وإذا قيل أن معاوية أمر أباها كان هذا ظناً محضاً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. ثم أن الأشعث بن قيس مات سنة أربعين وقيل سنة إحدى وأربعين ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي، فلو كان شاهداً لكان يكون له ذكر في ذلك، وإذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين فكيف يكون هو الذي أمر بنته . وهذا يدل على قدرة ابن تيمية للنقد العلمي القوي للروايات التاريخية.

3 ـ وقال الذهبي: قلت هذا شئ لا يصح فمن الذي أطلع عليه.

4 ـ وقال ابن كثير: روي بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمَّي الحسن وأنا أتزوجك بعده ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن، أفنرضاك لأنفسنا؟ وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى و الأحرى.

5 ـ وقال ابن خلدون: وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهو من أحاديث الشيعة، حاشا لمعاوية من ذلك .

6 ـ د. جميل المصري: وقد علق على هذه القضية بقوله: … ثم حدث افتعال قضية سم الحسن من قبل معاوية أو يزيد .. ويبدو أن افتعال هذه القضية لم يكن شائعاً آنذاك، لأننا لا نلمس لها أثراً في قضية قيام الحسن، أو حتى عتاباً من الحسين لمعاوية. وبالنسبة لسم الحسن رضي الله عنه، فنحن لا ننكر هذا، فإذا ثبت أنه مات مسموماً فهذه شهادة له وكرامة في حقه ، وأما اتهام معاوية وابنه فهذا لا يثبت من حيث السند، كما مر معنا، ومن حيث المتن وهل جعدة بنت الأشعث بن قيس بحاجة إلى شرف أو مال ـ كما تذكر الروايات حتى تسارع لتنفيذ هذه الرغبة من يزيد، وبالتالي تكون زوجة له أليست جعدة ابنة أمير قبيلة كندة كافة وهو الأشعث بن قيس، ثم أليس زوجها وهو الحسن بن علي أفضل الناس شرفاً ورفعة بلا منازعة، إن أمه فاطمة رضي الله عنها، وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى به فخراً، وأبوه علي بن أبي طالب أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين، إذاً ما هو الشئ الذي تسعى إليه جعدة وتحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير ، إن هناك الكثير الذين هم أعداء للوحدة الإسلامية، وزادهم غيظاً وحنقاً ما قام به الحسن بن علي، كما أن قناعتهم قوية بأن وجوده حياً صمام أمان للأمة الإسلامية، فهو إمام ألفتها وزعيم وحدتها بدون منافس، وبالتالي حتى تضطرب الأحداث وتعود الفتن إلى ما كانت عليه فلا بد من تصفيته وإزالته، فالمتهم الأول في نظري هم السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذين وجه لهم الحسن صفعة قوية عندما تنازل لمعاوية وجعل حداً للصراع، ثم الخوارج الذين قتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهم الذين طعنوه في فخذه، فربما أرادوا الانتقام من قتلاهم في النهروان وغيرها.انتهى.[34]

قلت : وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن معاوية ما نصه : عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، عن معاوية، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يمص لسانه – أو قال: شفته، يعني الحسن بن علي صلوات الله عليه – وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم “. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.[35]

وهذا الحديث الذي رواه معاوية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والذي فيه من فضائل الحسن رضي الله عنه دليل على حب معاوية للحسن رضي الله عنهم أجمعين.

خامساً: الرد على الشبهة الخامسة: شبهة أكل معاوية للربا.

أما شبهته هذه فأورد لكم نص الرواية التي استدل عليها ثم نذكر التعليق عليها:

نص الرواية : عن أبي قلابة، قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث، قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث، فجلس، فقلت له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت، قال: نعم، غزونا غزاة وعلى الناس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت، فقام، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد، أو ازداد، فقد أربى» ، فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا، فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة، ثم قال: ” لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كره معاوية – أو قال: وإن رغم – ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء “، قال حماد هذا أو نحوه.[36]

ونرى من خلال قرائتنا لهذه الرواية أنه لا توجد فيه عبارة: (قال –أي معاوية-: نتاجر ونربح )كما ذكر عدنان إبراهيم في نص خطبته !! ولم أجد هذه العبارة في أي من الروايات الأخرى لا في صحيح مسلم ولا في غيره ! وهذا تلفيقٌ آخر منه في الروايات !

وأذكر لكم رواية أخرى ذكرها الإمام مالك في موطأه لقصة أبي الدرداء مع معاوية ويتبين لنا من خلالها أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى معاوية عن ذلك فانتهى معاوية رضي الله عنه وإلا لما رضي عمر بأن يكون واليه يفعل محرماً وإن كان متأولاً في ذلك.

نص الرواية في الموطأ: عن عطاء بن يسار، أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل» ، فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا. فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخبرني عن رأيه، لا أساكنك بأرض أنت بها ” ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له، فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية: أن لا تبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن “[37]

  • قال الإمام الزرقاني في شرحه على الموطأ : (فقال معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا) إما لأنه حمل النهي على المسبوك الذي به التعامل وقيم المتلفات أو كان لا يرى ربا الفضل كابن عباس.[38]
  • وقال الإمام أبو الوليد الباجي القرطبي الأندلسي في شرحه المنتقى على الموطأ وشرحه لحديث أبي الدرداء ، قال: ما ذهب إليه معاوية من بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها يحتمل أن يرى في ذلك ما رآه ابن عباس من تجويز التفاضل في الذهب نقدا ويحتمل أن يكون لا يرى ذلك ولكنه جوز التفاضل بين المصوغ منه وغيره لمعنى الصياغة وقول أبي الدرداء سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينهى عن مثل هذا أنكر عليه فعله من تجويزه التفاضل في الذهب واحتاج إلى الاحتجاج بنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن مثل ذلك؛ لأن معاوية من أهل الفقه والاجتهاد فليس لأبي الدرداء صرفه عن رأيه الذي روي إلا بدليل وحجة بينة.

وقد روى ابن أبي مليكة قيل لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية ما أوتر إلا بواحدة قال أصاب إنه فقيه.

ثم ذكر في شرحه المنتقى كلاماً أصولياً نفيساً في هذه المسألة وختم كلامه بهذه العبارة:

ولم ينكر عمر – رضي الله عنه – على معاوية ما راجع به أبو الدرداء لما احتمل من التأويل على ما قدمناه والله أعلم وأحكم.[39]


سادساً: الرد على الشبهة السادسة: أن معاوية غير دية المعاهد وجعلها إلى النصف من دية المسلم بعد أن كانت على السواء من دية المسلم :

أذكر في هذه المسألة قول الإمام ابن قدامة في المغني وهو من فقهاء الحنابلة ، الذي يرجح أن دية المعاهد على النصف من دية المسلم كما هو فعل معاوية رضي الله عنه ، قال ابن قدامة : ولنا، ما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «دية المعاهد نصف دية المسلم» . وفي لفظ، «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قضى أن عقل الكتابي نصف عقل المسلم» . رواه الإمام أحمد. وفي لفظ: «دية المعاهد نصف دية الحر» . قال الخطابي: ليس في دية أهل الكتاب شيء أثبت من هذا، ولا بأس بإسناده. وقد قال به أحمد، وقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أولى، ولأنه نقص مؤثر في الدية، فأثر في تنصيفها كالأنوثة.[40]

قلت: وأمر تحديد دية المعاهد فيه خلاف بين الفقهاء بين مساوٍ له مع دية المسلم وبين من جعل الدية نصف دية المسلم.[41]


سابعاً: الرد على الشبهة السابعة: استصفاء معاوية للغنائم لنفسه :

زعم عدنان إبراهيم أن معاوية طلب من الحكم بن عمرو الغفاري أن يستصفي الغنائم لنفسه ويخرج منها كل صفراء وبيضاء. وأورد لكم الخبر كما ذكره الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في البداية والنهاية ، قال ابن كثير:

وفي هذه السنة غزا الحكم بن عمرو نائب زياد على خراسان جبل الأسل عن أمر زياد فقتل منهم خلقا كثيرا وغنم أموالا جمة، فكتب إليه زياد: إن أمير المؤمنين قد جاء كتابه أن يصطفى له كل صفراء وبيضاء- يعني الذهب والفضة- يجمع كله من هذه الغنيمة لبيت المال. فكتب الحكم بن عمرو: إن كتاب الله مقدم على كتاب أمير المؤمنين، وإنه والله لو كانت السموات والأرض على عدو فاتقى الله يجعل له مخرجا، ثم نادى في الناس: أن اغدوا على قسم غنيمتكم، فقسمها بينهم وخالف زيادا فيما كتب إليه عن معاوية، وعزل الخمس كما أمر الله ورسوله، ثم قال الحكم: إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، فمات بمرو من خراسان رضي الله عنه.[42]

قلت: ونرى في هذه الرواية أن استصفاء هذه الغنائم كان لوضعها في بيت المال كما ذكر في ابن كثير في هذه الرواية ، ولقد وردت روايات أخرى بدون عبارة (لبيت المال) ، وقد نقل المؤرخ الكبير أ.د.محمد بن طاهر البرزنجي في كتابه صحيح وضعيف تاريخ الطبري – قسم الصحيح – نقل رواية في مختصر تاريخ ابن عساكر:

أخرج بن عساكر عن قتادة: لما انتهى الحكم بن عمر إلى معاوية وجعل كتاب الحكم في جوب كتابه .. الخبر) وفي آخره قال معاوية : ( أتأمروني أن أعمد إلى رجل آثر كتاب الله على كتابي وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على سنتي فأقطع يديه ورجليه؟ بل أحسن وأجمل وأصاب فكانت هذه مما يعد من مناقب معاوية).مختصر تاريخ ابن عساكر/ترجمة معاوية 52).[43]


ثامناً: الرد على الشبهة الثامنة: شبهة قتل حجر بن عدي-رضي الله عنه- .

و هنا أود أن أشير إلى أن حجر بن عدي وكما تذكر الروايات التاريخية أنه جمع الجموع على أمير المؤمنين معاوية وسيطر على الكوفة وأظهر العصيان على الخليفة ، وأن قتل معاوية لحجر بن عدي كان عن تأويل منه لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ” من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه”.[44]

وأنا لا أرغب بالتطويل في هذا الموضوع والإسهاب في ذكر الروايات التاريخية وأكتفي هنا بذكر موقف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مع معاوية : فعن ابن أبي مليكه: إن معاوية جاء يستأذن على عائشة، فأبت أن تأذن له، فخرج غلام لها يقال له: ذكوان ، قال: ويحك أدخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي، فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له، وكان أطوع مني عندها، فلما دخل عليها قال: أمتاه فيما وجدت عليَّ يرحمك الله؟ قالت: .. وجدت عليك في شأن حجر وأصحابه إنك قتلتهم فقال لها: … وأما حجر وأصحابه فإني تخوفت أمراً، وخشيت فتنة تكون، تهراق فيها الدماء، تستحل فيها المحارم، وأنت تخافيني، دعيني والله يفعل ما يشاء قالت: تركتك والله، تركتك والله، تركتك والله ، وجاء في رواية أخرى: لما قدم معاوية دخل على عائشة، فقالت: أقتلت حجراً؟ قال: يا أم المؤمنين، إني وجدت قتل رجلٍ في صلاح الناس، خير من استحيائه في فسادهم.[45]

وقد نقل الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء أن معاوية ندم على قتل حجر : قال: وقدم ابن هشام برسالة عائشة، وقد قتلوا، فقال: يا أمير المؤمنين! أين عزب عنك حلم أبي سفيان؟

قال: غيبة مثلك عني . قال الذهبي:- يعني: أنه ندم -.[46]

قلت: وقد طلب معاوية رضي الله عنه من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تدعه والله يفعل به ما يشاء أي أنه سلم أمره لله في هذا الفعل ، وقد تركته عائشة رضي الله عنها بعد كلمته هذه ولم تنازعه فقالت: (تركتك والله ثلاثاً) ، أفنحن نأتي بعد أن سلّم معاوية أمره لله تعالى وبعد أن تركت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنه – لومه أفنأتي نحن لنحسابه ؟!! فلنترك الأمر لله تعالى كما تركته أم المؤمنين وطلب ذك معاوية رضي الله عنه علاوة على ذلك فقد روي أنه ندم على هذا الفعل. والله أعلم ..


تاسعاً: رد الشبهة التاسعة: شبهة استلحاق زياد بن أبيه.

أما هذه الشبهة فقد وضحها وبينها د.علي الصلابي خير تبيين وتجد تفصيل ذلك في كتابه معاوية بن أبي سفيان (1/348) ، وخلاصة كلامه: أن من استلحق نسبه بأبي سفيان هو زياد بن أبيه ، وكذلك فهناك من شهد ومنهم من الصحابة أن سمية جارية الحارث بن كلدة قد علقت من أبي سفيان لما وطئها في الجاهلية .. والله أعلم .

والعجيب أن عدنان إبراهيم قد شنع على زياد أشد تشنيع وكأنه لم يعلم أنه كان من شيعة علي بن أبي طالب قبل أن يكون مع معاوية بل قد ولاه علي بن أبي طالب ولاية فارس ، وهذا ما ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ، قال ابن كثير:

وفي هذه السنة –أي سنة 39 هـ – ولى علي بن أبي طالب زياد بن أبيه على أرض فارس، وكانوا قد منعوا الخراج والطاعة .. فاستشار على الناس فيمن يوليه عليهم، فأشار ابن عباس وجارية بن قدامة أن يولي عليهم زياد بن أبيه، فإنه صليب الرأي، عالم بالسياسة.

فقال علي: هو لها، فولاه فارس وكرمان وجهزه إليهما في أربعة آلاف فارس، فسار إليها في هذه السنة فدوخ أهلها وقهرهم حتى استقاموا وأدوا الخراج وما كان عليهم من الحقوق، ورجعوا إلى السمع والطاعة، وسار فيهم بالمعدلة والأمانة.[47]


عاشراً: رد الشبهة العاشرة: شبهة عدم قتل قتلة عثمان في عهد معاوية :

و رد هذه الشبهة أن الاتفاق الذي أبرم بين الحسن ومعاوية كان من بنوده عدم الأخذ بأي دم سفك قبل الصلح بين المسلمين ، وهذا ما جعل معاوية يكف عن متابعة قتلة عثمان حقناً لدماء المسلمين ودرءاً للفتنة ، وهذا ما جاء في صريح كلام الإمام الحسن بن علي – عليه السلام – في أمر الصلح.

وهذه رواية الإمام البخاري في صحيحه لقصة الصلح بين سيدنا الحسن بن علي وسيدنا معاوية رضوان الله عليهم أجمعين :

حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، قال: سمعت الحسن، يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس: عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه، وقولا له: واطلبا إليه، فأتياه، فدخلا عليه فتكلما، وقالا له: فطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب، قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك قال: فمن لي بهذا، قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه، فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» ، قال أبو عبد الله: ” قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة، بهذا الحديث “

قال ابن حجر في فتح الباري في شرحه لهذا الحديث :

قال فقال لهما الحسن بن علي إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن لك به فما سألهما شيئا إلا قالا نحن لك به فصالحه قال بن بطال هذا يدل على أن معاوية كان هو الراغب في الصلح وأنه عرض على الحسن المال ورغبه فيه وحثه على رفع السيف وذكره ما وعده به جده صلى الله عليه وسلم من سيادته في الإصلاح به.

وفي هذه القصة من الفوائد علم من أعلام النبوة ومنقبة للحسن بن علي فإنه ترك الملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة وفيها رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليا ومن معه ومعاوية ومن معه بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين ومن ثم كان سفيان بن عيينة يقول عقب هذا الحديث قوله من المسلمين يعجبنا جدا أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه عن الحميدي وسعيد بن منصور عنه وفيه فضيلة الإصلاح بين الناس ولا سيما في حقن دماء المسلمين ودلالة على رأفة معاوية بالرعية وشفقته على المسلمين وقوة نظره في تدبير الملك.[48]

قلت: أيها الأخوة هذا كلام العلماء الكبار الذين أطبقت الأمة وأجمعت على تقديم كلامهم هذا هو كلامهم في أمير المؤمنين معاوية – رضي الله عنه – وفي فضله في مسألة الصلح وحقن دماء المسلمين ، واليوم يأتي من أضاع جادة الحق التي رسمها هؤلاء العلماء فيتهم معاوية رضي الله عنه في نواياه ويشكك في صدقها و يتغافل عن الحق المذكور في صحيح البخاري وغيره من الروايات الصحيحة وتعليقات العلماء النفيسة.

والناظر في التاريخ المتأمل في هذه الحقبة يجد أن أغلب قتلة عثمان قد قتلوا إما في معركة الجمل أو صفين أو النهروان لأنهم شاركوا في كل هذه الفتن وبالأخص معركة النهروان التي استأصل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه استأصل بهذه المعركة قوتهم وأبادهم فلم يبق منهم إلا قليل مشردون ، ومعروف في الروايات التاريخية أن من أواخر من قتل من قتلة عثمان هو عمير بن ضابئ التميمي قتله الحجاج في الكوفة سنة 75هـ.[49]


حادي عشر: رد الشبهة الحادية عشر: شبهة أن معاوية أحد القتلة (قصة بسر بن أرطأة):

وهذه القصة التي ذكرها عدنان إبراهيم عن الحافظ ابن كثير وتبجح بها أي تبجح بأن ابن كثير صاحب الهوى الأموي قد أورد قصة تدل على أن معاوية قاتل مجرم !! وللرد على هذه الشبهة الشنيعة الباطلة أورد لكم نص الحافظ ابن كثير بكماله حتى تعلموا مدى التلفيق الذي انتهجه عدنان إبراهيم في نقله عن العلماء : أترككم مع الرواية كما ذكرها ابن كثير – رحمه الله -:

قال ابن جرير: فمما كان في هذه السنة من الأمور الجليلة توجيه معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز، فذكر عن زياد بن عبد الله البكائي عن عوانة قال: أرسل معاوية بعد تحكيم الحكمين بسر بن أبي أرطاة- وهو رجل من بني عامر بن لؤي- في جيش فساروا من الشام حتى قدموا المدينة- وعامل على عليها يومئذ أبو أيوب- ففر منهم أبو أيوب فأتى عليا بالكوفة، ودخل بسر المدينة ولم يقاتله أحد، فصعد منبرها فنادى على المنبر: يا دينار ويا نجار ويا رزيق شيخي شيخي عهدي به هاهنا بالأمس فأين هو؟ – يعني عثمان بن عفان- ثم قال: يا أهل المدينة والله لولا ما عهد إلى معاوية ما تركت بها محتلما إلا قتلته، ثم بايع أهل المدينة وأرسل إلى بني سلمة فقال: والله ما لكم عندي من أمان ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله- يعني حتى يبايعه- فانطلق جابر إلى أم سلمة فقال لها: ماذا ترين إني خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلالة؟ فقالت: أرى أن تبايع فإني قد أمرت ابني عمر وختني عبد الله بن زمعة- وهو زوج ابنتها زينب- أن يبايعا فأتاه جابر فبايعه. قال: وهدم بسر دورا بالمدينة ثم مضى حتى أتى مكة فخافه أبو موسى الأشعري أن يقتله فقال له بسر: ما كنت لأفعل بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فخلى عنه، وكتب أبو موسى قبل ذلك إلى أهل اليمن أن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل من أبى أن يقر بالحكومة، ثم مضى بسر إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس ففر إلى الكوفة حتى لحق بعلي، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد الله بن المدان الحاوي، فلما دخل بسر اليمن قتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس وفيه ابنان صغيران له فقتلهما وهما عبد الرحمن وقثم، ويقال إن بسرا قتل خلقا من شيعة على في مسيره هذا وهذا الخبر مشهور عند أصحاب المغازي والسير، وفي صحته عندي نظر والله تعالى أعلم.[50]

هذه الرواية كاملة كما أوردها ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ونقلها عن ابن جرير الطبري ، وكما هي عادة الحافظ ابن كثير في تاريخه فإنه كان دائماً ما يعلق على الروايات التاريخية ويذكر رأيه فيها ، وترون في آخر هذه القصة أن ابن كثير ذكر رأيه في هذه القصة بشكل واضح وهو (وفي صحته عندي نظر والله تعالى أعلم).  وهذا التعليق يجعل القارئ لهذه القصة في البداية والنهاية بين أمرين إما أن لا ينقلها ويرويها أو أن ينقلها ويذكر تعليق الحافظ ابن كثير عليها من باب الأمانة العلمية ، ونرى أن عدنان إبراهيم قد ذكر هذه الرواية وتغافل عن رأي ابن كثير في صحتها ، وهذا فيه من عدم المصداقية العلمية ما فيه.

و أود أن أشير إلى أن ابن كثير أورد رواية بعدها فيها أن علي بن أبي طالب أرسل جيشه إلى اليمن لاستعادتها من بسر بن أرطأة وأن جيش علي لما وصل اليمن قتل من شيعة عثمان .. إلى آخره.

وجزا الله د.محمد البرزنجي خير الجزاء عن أمة الإسلام وتاريخها في تحقيقه لتاريخ الطبري فقد ذكر أن هذه الرواية والتي قبلها ضعيفتان ولا تصحان.

الختام:

وفي ختام هذا الرد الذي كتبته أرجوا من الله أن ناصرين لدينه سبحانه ونبيه – صلى الله عليه وسلم – وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين ، وأسأل الله سبحانه أن يكون هذا الرد والنقاش العلمي سبباً في إيضاح الحق لمن التبس عليهم الأمر من المسلمين بعد سماعهم لهذه الخطبة الشنيعة المليئة بالسب والقذف التي لم يسلم منها حتى أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير رضوان الله عليهم أجمعين ، وأرجو من إخواني المسلمين التثبت من المصادر قبل تسليم عقولهم لمن يقدح في من حمل هذا الدين وهم صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد والرشاد ..

كتبه الفقير إلى عفو ربه وراجي صحبة نبيه وأصحابه في الجنة

يزيد محمد عبد الله سيف القطان

دولة الكويت

         6 من شوال 1432ه

         5 من سبتمبر 2011م


[1] مسند الإمام أحمد ط:الرسالة حديث رقم 3948 (7/60).

[2] الإصابة في تمييز الصحابة (1/17) ط: دار الكتب العلمية.

[3] صحيح البخاري (5/8) ومسلم في صحيحه واللفظ للبخاري.

[4] شرح النووي على صحيح مسلم (16/93).

[5] المعجم الكبير للطبراني (12/142) ط:مكتبة ابن تيمية ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (2/1077) ط:المكتب الإسلامي.

[6] المصدر السابق (1/19).

[7] المصدر السابق (1/22).

[8] المصدر السابق (1/22).

[9] صحيح البخاري حديث رقم:2924 (4/42).

[10] فتح الباري (6/102).

[11] مسند الإمام أحمد ط:الرسالة حديث رقم 17895 (29/426).وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: رجاله ثقات رجال الصحيح. وصححه الألباني في سنن الترمذي ط:الباب الحلبي (5/687).

[12] مسند الإمام أحمد (28/383) وقال الأرناؤوط: هذا إسناد ضعيف لجهالة الحارث بن زياد وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني: إسناده حسن في الشواهد (السلسلة الصحيحة 7/688) وقال الأرناؤوط: هذا إسناد ضعيف لجهالة الحارث بن زياد وبقية رجاله ثقات.

[13] مسند الإمام أحمد (28/136) وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.

[14] صحيح البخاري ، حديث رقم: 3765  (5/28).

[15] مسند الإمام أحمد تحقيق شعيب الأرناؤوط , حديث رقم: 16830 (28/39).وقال الأرناؤوط:إسناده صحيح ،رجاله ثقات رجال الشيخين.

[16] مسند الإمام أحمد تحقيق شعيب الأرناؤوط , حديث رقم:16834 (28/48). وقال الأرناؤوط:إسناده صحيح ،رجاله ثقات رجال الصحيح.

[17] مسند الإمام أحمد تحقيق شعيب الأرناؤوط , حديث رقم:16849(28/62). وقال الأرناؤوط:إسناده صحيح على شرط مسلم.

[18] فتح الباري شرح صحيح البخاري (8/286) ط:دار المعرفة 1379هـ.

[19] شرح النووي على صحيح مسلم (15/64) ط: دار إحياء التراث العربي.

[20] فتح الباري شرح صحيح البخاري (8/286).

[21] عمدة القارئ شرح صحيح البخاري (15/243) ط:دار إحياء التراث العربي.

[22] صحيح البخاري (3/186) حديث رقم 2704 ط: دار طوق النجاة.

[23] صحيح مسلم (4/1871).

[24] شرح النووي على مسلم (15/175) ، تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي (10/156).

[25] حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/58).

[26] أنظر: معاوية بن أبي سفيان – شخصيته وعصره ، للدكتور علي الصلابي ط: دار الأندلس 2008 ص: 226

[27] أنظر سير أعلام النبلاء للذهبي ط: الرسالة (راشدون/262) وقال المحقق التاريخي أ.د.محمد الرزنجي: رجاله ثقات.

[28] مختصر تاريخ دمشق (17/347) ط: دار الفكر.

[29] مختصر تاريخ دمشق (25/39).

[30] أنظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل . تحقيق: شعيب الأرناؤوط حديث رقم: 22941 (38/25-26) بتصرف في حاشية الأرناؤوط ومحل هذا التصرف هو إغفال تخريج الحديث والتعليق على رجاله ، لأني اكتفيت بخلاصة السند. والبقية نقلته بنصه.

[31] المصدر السابق.

[32] انظر نص الخطبة في موقع عدنان إبراهيم والخطبة بعنوان: بداية كارثتنا ،ومقطع الفيديو في يوتيوب بعنوان حقيقة الباغي معاوية.

[33] سورة الحجرات آية رقم: 6 .

[34] أنظر: معاوية بن أبي سفيان – شخصيته وعصره ، للدكتور علي الصلابي ص:231 إلى 233 وانظر: أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب – شخصيته وعصره – للدكتور علي الصلابي ص:433 إلى 438.ط:دار التوزيع والنشر الإسلامية.

[35] مسند الإمام أحمد (28/62).

[36] صحيح مسلم حديث رقم 1587 (3/1210)

[37] موطأ الإمام مالك ط: دار إحياء التراث العربي (2/634) حديث رقم: 33.

[38] شرح الزرقاني على الموطأ (3/419).

[39] المصدر السابق.

[40] المغني لابن قدامة ط:مكتبة القاهرة (8/399).

[41] انظر الموسوعة الفقهية الكويتية (21/61).

[42] البداية والنهاية ط: دار الفكر (8/29)

[43] صحيح وضعيف تاريخ الطبري للبرزنجي ط:دار ابن كثير (4/28) ، وانظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (59/170).

[44] صحيح مسلم (3/1480).

[45] انظر: معاوية بن أبي سفيان للصلابي ص:242 ، وقد نقل د.الصلابي هاتين الروايتين عن تاريخ دمشق لابن عساكر ووجدته في تاريخ دمشق (12/230) وقال د.البرزنجي عن سند هذه الرواية هذا إسناد صحيح صحيح تاريخ الطبري (4/53)

[46] سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي (3/465) ط: مؤسسة الرسالة.

[47] البداية والنهاية (7/370) بتصرف.

[48] فتح الباري (13/66).

[49] تاريخ الطبري (6/202).

[50] البداية والنهاية لابن كثير (7/322).


Business Success
 

22 responses to “الرد على عدنان إبراهيم في اتهامه معاوية رضي الله عنه

  1. الله ينصركم .. ويظهر الحق ويزهق الباطل

  2. بومطر

    ماقصرت يا شيخ يزيد بارك الله بك ورفع من قدرك عنده

  3. ايمان

    عسى الله يحشرك معاه ان شاءالله 🙂

  4. احمد السويلم

    الله يجزيك الخير كفيت ووفيت وان شاءالله بميزان حسناتك

  5. أبو عبيد الله

    بارك الله فيك
    أنا ضد الطعن في سيدنا معاوية رضي الله عنه لكن مع ذلك لا بد من الإقرار بأخطائه في الكثير من مواقفه السياسية مثلا..
    أقول هذا الإقرار بالأخطاء ليس إنتقاصا منه رضي الله عنه لكن هو واجب الأمانة العلمية التي هي من السبيل لفهم التاريخ و الحاضر و صناعة المستقبل…
    لا بد من النحرر من الحساسيات و الخلفيات و السعي الموضوعي لدرك الحقائق..

  6. ان كان معاوية امير للمؤمنين ….فنسأل الله أن يحشرك في زمرته يوم القيامة….

  7. حسين

    بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه أما بعد :
    أخيي يزيد (و إن كنت أحب لك أن تغير اسمك) أما ادعاؤك بأن هذا الرد علمي على الشيخ عدنان ابراهيم فقد خالفت فيه كل علمية لتخيرك الروايات و تخيرك من يصحح و من يضعف، و أما ما ذكرته من مناقب لمعاوية رضي الله عنه فما كنت أنت أعرف من كبار علماء الرواية بهذا، و هم لم يجدوا له منقبة واحدة، و حسبك أن ترجع إلى ما كتبه الشيخ السقاف في رده على الهيثمي رحمه الله تعالى في مثل ما تدرعت به من روايات لتعلم أنك جانبت العلمية في ردك، و أن هذا الرد يحتاج منك لمعاودة بحث و مراجعة للكلام و جمع للروايات و إخلاص للنية… و أرجو الله أن ينفع بك أبناء المسلمين…

    • أخي حسين ..
      السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ..
      في البداية أشكر لك اطلاعك على الموضوع ومساهمتك ، وأود قبل أن أجيب على ملاحظاتك التي ذكرتها أن أبين لك أن ردي هذا الهدف منه هو تبيين الغلط والخطأ الذي ذكره عدنان إبراهيم في خطبته وليس النقاش حول فضل معاوية رضي الله عنه ومناقبة وقد ذكرت ذلك على سبيل التوطئة، وأورد لك أدناه جوابي على ملاحظاتك :
      أولاً: أنا لم أتخير الروايات بل نقلت ما ذكره العلماء في هذا الشأن وأخذت بتحقيق العلامتين الألباني والأرناؤوط وهو ما أخذ به عدنان إبراهيم في خطبته ، وإن لم يكن النقل عن العلماء وإحالة النقل إلى مصادرها الأصلية رداً علمياً فما هو الرد العلمي إذن ؟!
      ثانياً: أما انتقادك لمناقب معاوية التي ذكرتها فإن أردت الأسلوب العلمي فأرجو نقد هذه الروايات التي أوردتها لا أن تقول أن العلماء لم يجدوا له منقبة واحدة ووتغافل عن ما نقلته عن كبار العلماء في الروايات المذكورة عن معاوية رضي الله عنه.
      ثالثاً: مع احترامي لما ذكرته عن الشيخ السقاف فأنا لم أطلع عليه وأكتفي بما ذكرته عن كبار العلماء وبما نقلته من تحقيق العلامتين الألباني والأرناؤوط للأحاديث والذي تلقته الأمة بالقبول والاعتبار.
      رابعاً: أنا إسمي يزيد تيمناً بالصحابي الجليل يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه ولا علاقة لي بيزيد بن معاوية فرأيي فيه كرأي علماء الأمة لا نسبه ولا نحبه.
      وأٍسأل الله الرشاد والسداد والإخلاص في القول والعمل ..

  8. Ebrahim

    ما هو الرد عن شبهة ( عمار تقتله الفئة الباغية ) يا شيخنا الفاضل ؟

    • إرجع إلى ما ذكره العلماء في هذه المسألة وقد أجاد الشيخان د.علي الصلابي في كتابه (معاوية بن أبي سفيان ) و د.محمد البرزنجي في كتابه (صحيح وضعبف تاريخ الطبري – الجزء 3) أجادا حفظهما الله في هذه المسألة.
      وقد ذكرت في بداية الرد المنشور أن معاوية رضي الله عنه جانب الصواب في قتاله لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأن الحق باتفاق علماء أهل السنة والجماعة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنه إن كان جيش معاوية هم الفئة الباغية فهذا يدل على أن الحق مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأيضاً ليس معنى هذا خروج أهل الشام ومعهم معاوية عن دائرة الإسلام ولو كان غير ذلك لما قبل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أن يتحاكم معهم إلى كتاب الله تعالى ، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم – : ” إن ابني هذا – أي الحسن بن علي رضي الله عنه – سيد ولعل الله أن يصلح على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين” ولا شك أن أهل الشام وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان إحدى هاتين الفئتين التي أِشار إليهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم – في الحديث ، فهم مسلمون بالنص الصحيح الصريح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد ذكرت هذه الرواية كاملة في الرد المنشور.
      والله أعلم ..
      وأدعوك إلى الرجوع في هذه المسألة إلى ماذكره د.علي الصلابي في كتابه (معاوية بن أبي سفيان ) و د.محمد البرزنجي في كتابه (صحيح وضعبف تاريخ الطبري – الجزء 3).

  9. متابع

    بسم الله خير الأسماء في الأرض وفي السماء والصلاة والسلام على سيد الرسل وخاتم الأنبياء وعلى آله الأصفياء والأنقياء وعلى صحابته أجمعين الغر الميامين الأتقياء وعلى جميع الرسل والأنبياء.
    وبعد ،
    جزاك الله تعالى خيرا على هذا الرد العلمي الرصين الموثق بنقول الفحول من العلماء المشهود لهم برسوخ العلم والفهم وأحببت الإشارة إلى كتاب الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية لأحد علماء الهند وهو من أروع ما قرأت في الدفاع عن سيدنا معاوية رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين والكتاب لمن أحب الاطلاع عليه على هذا الرابط:

    النقر للوصول إلى 15-annahiya.pdf

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    • جزاك الله خيراً أخي على ما تفضلت به ، ونسأل الله القبول والهداية للجميع ، وأشكرك على إضافتك الجميلة بخصوص كتاب الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية وبإذن الله نطلع عليه ونستفيد منه ..

  10. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا توضيح من تلميذ مباشر ومحب للشيخ العلامة الدكتور عدنان إبراهيم حفظه الله وقد خطب أمس الجمعة 09.09 عن التعصب كبنية وخطبته موجودة على موقعه المبارك. وليس للشيخ حفظه الله مشكلة لا مع معاوية ولا مع غيره ولكنه باحث عن الحقيقة التي اغتالت الأمة وتركتها تدور في مكانها لمايزيد عن الألف سنة والحقيقة هي ماقال أما تسميم عقول الأمة بالأحاديث والتعريفات الأموية من أمثال تعريف صحابة الذي لم يورد في القرآن بالمرة (بخلاف إذ قال لصاحبه والمقصود به مرافقه) وكل ما نجده هو المهاجرين والأنصار وهو تصنيف قرآني أما تصنيف صحابي وصحابة فهو من وضع معاوية ليدخل فيه من يريد وآخر ما ضحك به على الأمة مصطلح خال المؤمنين وللأسف الشديد ضحك عليهم ويضحك على الكثيرين إلى اليوم وتعجبت لرد الكاتب التجميعي والذي يمكن أن يقوم به كمبيوتر ولن أرد على النقاط فخطب الشيخ حفظه الله فيها ما يكفي وإذا اعتبرنا معاوية خال المؤمنين فأبا جهل عم المؤمنين ولو استمع الكاتب بترو إلى الخطبة المشار إليها وهي بعنوان بداية كارثتنا والتي ألقاها شيخنا الفاضل بتاريخ 12.03.2011 وحاول فيها فضيلته البحث عن الأسباب التي جعلت من أمتنا في المؤخرة سياسيا واقتصاديا وثقافيا و… والسبب هو هذا المعاوية الذي انقلب على الشرعية وهو الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه وعليه مليارات السلام وحشرني وشيخي معه وحشر محبي معاوية والمترضون عنه معه.
    أخيرا وإلى كاتب الرد اليزيد (أو غيره) إذا كان يرى في نفسه القدرة على المناظرة فالشيخ حفظه الله على أتم الإستعداد على أن يكون ذلك أمام الملأ فوقت الشيخ مهم جدا ولا يسمح له في إضاعته مع الجهلة أو أنصاف العلماء ودعوتي للجميع إلى نبذ التعصب حقا كان أو باطلا والإستماع إلى هذا العلامة المفتوح عليه بتواضع ثم الرد وموقعه معروف في العالم الإسلامي وخارجه http://www.adnanibrahim.net والله من وراء القصد.
    رفيق بوعزيز تلميذ ومحب للشيخ العلامة عدنان إبراهيم حفظه الله.

    • السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ..

      الأخ/ رفيق بوعزيز .. المحترم

      اطلعت على ردك الذي أوردته في المدونة ، و أود أن أوضح لك بعض ما ذكرت :

      أولاً : ما ذكرته أنا في الرد المنشور هو أن عدنان إبراهيم كذب في نقل الروايات ولفق فيها حتى أصبحت هذه الروايات التي في حقيقتها ثناء على معاوية إلى قذف له واتهامه بأقبح التهم كشرب الخمر وأكل الربا وغيرها من التهم التي لا تقال إلا للمنافقين والكافرين ، والمشكلة الأكبر أن هذا القذف وهذه التهم إنطلقت من أحاديث نقلت مكذوبة ملفقة ، وأنا لا أطلب منك إلا أن ترجع إلى الروايات التي ذكرها شيخك في المصادر التي أشار إليها وتتأكد من صحتها وتبتعد عن تقديس شيخك والتعصب له.

      ثانياً : وأما قولك أن الأمة مغتالة وهي تدور في مكانها لما يزيد عن ألف سنة !! فهذا قول غريب عجيب !! وهل الأمة مغتالة وهي تدور في مكانها حقاً ؟!! هل كل الفتوحات التي تمت ودخول الناس في دين الله أفواجاً هو دوران في مكانها ؟!! أم أن الناتج العلمي الكبير لهذه الأمة والذي استنارت به الأمم الأخرى ومنها أوروبا هو دوران للأمة في مكانها ؟!! إن كان هذا هو الدوران التي تقول عنه فأكرم وأنعم به من دوران.

      ثالثاً : أما قولك عن تعريف الصحابي وأنه من التعريفات الأموية ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم – :”لا تجتمع أمتي على ضلالة” وقد اتفق جمهور العلماء على أن كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به وصدق به فهو صحابي وذكر ذلك الحافظ في الإصابة وخلاف ذلك فهو قول شاذ غير معتبر ، وقد سمعت شيخك يقول في كلامه عن الصحابة أن عبد الله بن أبي بن سلول المنافق هو صحابي منافق !! مستدلاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أتريد أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ” وعلى هذا الاستدلال العجيب يكون أبوجهل صحابي كافر !! استدلالاً بقوله تعالى لما خاطب كفار قريش: (وما صاحبكم بمجنون) وأقول: ألا ذلك هو الضلال المبين.

      رابعاً: أما قولك أن ردي تجميعي ويمكن أن يقوم به كمبيوتر فهذا اعتراض واهٍ ومنطق غريب في النقاش ! والذي ذكرته أنا في بداية ردي على عدنان إبراهيم أني التزمت بذكر ما قاله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وما قاله كبار علماء الأمة كالإمام النووي وابن حجر والذهبي وغيرهم من علماء الأمة الكبار ، وأنا لا أريد أن أذكر رأيي فهو عالة على رأي كبار العلماء فإن كان عندك إنتقادك على المادة العلمية أو على ما نقلته عن كبار علماء الأمة ، فاذكر هذا الانتقاد على ما ورد في الرد المنشور بطريقة علمية لا بهذا الأسلوب المنافي للنقاش العلمي.

      خامساً: أما قولك وطلبك أن أستمع إلى ما قاله عدنان إبراهيم بتروٍ ، فالحمد لله قرأت هذه الخطبة بتروٍ أكثر من خمس مرات وما وجدته فيها هو الكذب والافتراء وتلفيق الروايات وقد بينت هذا الكذب والافتراء في ردي على الخطبة المنشور في هذه المدونة ، و أطلب منك مرة أخرى أن تتأكد من صحة ما نقل عدنان إبراهيم في هذه الخطبة.

      سادساً: أما ما يتعلق عن المناظرة فأولاً أنا رجل من عامة المسلمين ومن طلبة العلم وهذا ما بينته في ردي المنشور فلم أعتمد على قولي ولم أذكر منه إلا اليسير بل اعتمدت على كلام العلماء الأفاضل ، فإن أراد عدنان إبراهيم أن يناظر أحداً فليرد أولاً على ما ذكرته في ردي على خطبته الكارثية ، فإن رد عليها فأنا أدعوه إلى أن يناظر أحد هؤلاء المشايخ والعلماء المعتبرين في هذه الأمة وهم : الشيخ عدنان العرعور ، أو الشيخ د.علي الصلابي ، أو الشيخ أ.د.محمد بن طاهر البرزنجي ، أو الشيخ عثمان الخميس ، أو الشيخ عبد العزيز العويد .

      وفي الختام: أنت ذكرت أن عدنان ابراهيم دعا إلى نبذ التعصب والتقديس وأنا أدعوك إلى نبذ التعصب والتقديس عن عدنان إبراهيم والتأكد من صحة ما نقل عن معاوية رضي الله عنه وأرضاه.

      وأسأل الله تعالى أن يحشرني يوم القيامة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين ومعاوية وسائر الصحابة والتابعين وحسن أولئك رفيقاً ..

  11. رد الاخ يزيد على الموضوع بشكل مرتب و بعيدا عن التعصب و توضيحا للحقائق .. و لم يتجه للشيخ عدنان بشخصة و لكن وضح الموضوع .. و ان كان للاخوة محبي الشيخ عدنان رد فيكون على النقاط السابقة و ايها الصحيح … و نبتعدا جميعا على التعصب و نفعل عقولنا قليلا بالبحث و التنقين و التحليل ..
    بارك الله فيكم

  12. أواب الشويخ

    جزاك الله خيراص، ورفع قدرك وجعلك من أهل الفردوس الأعلى، لقد قرأت أكثر من رد على خطبة الدكتور عدنان إبراهيم، ولكنها جميعاً كانت تفتقد إلى شيء ما، الا أن ردك هو الأفضل، فقد اختصرت وأجدت، كلام علمي موزون، ومرتب ومنظم، مع التأصيل الشرعي، ودون الخروج عن الأدب والمجادلة بالحسنى

    فجزاك الله خيراً

  13. أبو محمد الوايلي

    بسم الله الرحمن الرحيم . الأخ الفاضل يزيد القطان . بارك الله فيك وثبتك الله تعالى ، وأسأل الله تعالى أن يكون ما كتبته في ميزان أعمالك .، اما السيد أبو عزيز والذي هو تلميذ ” للعلامة ! ” الجديد عدنان إبراهيم ، فينبغي عليه أن يتأدب مع الصجابي مهما كان خطأ هذا الصحابي أو ذاك ، ونحن نعلم من أصول التربية الدعوية حسن الخلق عموما ومع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصا ، اما إذا كان الأخ أبوعزيز لا يعلم ذلك ، فهذا دليل مدرسته ومستواها التي تعلم فيها عدم احترام الصحابة وعدم احترام تاريخ الأمة والذي وصفة بانه تاريخ جامد أو ما شابه . أولا : هذه المفاهيم يا أستاذ يزيد لا تأتينا إلا من اهل البدع والداء العضال . ثانيا : أما إذا كان هناك جمود فما اتانا هذا الجمود والتخلف إلا من مجموعة رأت نفسها أعلى مرتبة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . اما التجميع الذي تفضل به تلميذ ” العلامة ! ” الجديد صاحب اللقب الجديد الذي ظفر به من اهل الداء العضال أو تلميذه أبو عزيز ، فنقول له وإن كان تجميعا إلا أنه لا كذب فيه على الصحابي ، ويكفي أستاذك وعلامتك أن أفترى وذكر مفردة ” خمر ” في الحديث وهي أصلا غير موجودة ، وأيضا إدراجه جملة ” نتاجر ونربح ” علما ان سيدنا معاوية لم يقلها ، وأيضا قول علامتك ! الجديد أنه طلب الذهب والفضة لماله الخاص ، هو رضي الله عنه حسب الراوية طلبها لبيت مال المسلمين . فهنيئا لك بعلامتك وأرجوا من هذا التلميذ أن يتحفنا بالمرجع والسند الذي قال فيه علامته أن سيدنا معاوية يكره سيدنا علي ويكره أصله وفصله ، فأرجو أن أن يثبت لنا علامتك الجدبد هذا ومن أين استقى هذه المعلومة مع السند يا ايها التلميذ النجيب . واخيرا ايها التلميذ النجيب للعلامة الجديد أرجو أن تسأل علامتك هذا ، هل سيدنا معاوية مُستثنى من هذه الآية الكريمة وما هو الدليل إذا كان مُستثني حفظك الله ذخرا لعلامتك الجديد ! ما هو الدليل انه مُستثنى من الآية الكريمة ، قال تعالى : ” لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ”
    أخيرا لنتامل الاتي : –
    سيدنا معاوية رضي الله عنه :
    * رأى النبي صلى الله عليه وسلم .
    * أسلم يوم الفتح ، وهناك اقوال تقول قبل ذلك .
    * مات رضي الله عنه وهو مسلم بالدين والرسالة .
    * جالس النبي صلى الله عليه وسلم .
    * غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم .
    * حدث في حديثه وروى عنه صلى الله عليه وسلم .
    * هو أحد كتاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم .
    * أسلم بالغ الحلم مدركا ناضجا .
    وهذه النقاط يلتقي بها سيدنا معاوية في كل تعاريف الصحبة المختلفة والمختلف فيها ، فلا ادري بعد ذلك يتحدثون عنه بهذه الطريقة السفيهة وأنه خارج إطار الصحبة ؟!

  14. ayman

    تلك أمة قد خلت, لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.

    لماذا نبقى ندور بوائر, كل له شيوخة وكل له رواياتة,

    ما الفائدة المرجوة ان كان اي من السابقين مخطئ او مصيب,
    ما المطلوب من المخطئ, وهل يقدر ان يصوب خطئه؟

    اتركوا ما كان بينهم الى عالم الغيب والشهادة, فهو ادرى بهم, وهم عندة. يثيب المصيب, ويعفو ويصفح عن المخطئ (وهو اهل المغفرة)

  15. باسل الحاج

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    أرجوا أن يصل ما أكتب للأخ يزيد , و بعد

    أنا طالب علم أبحث عن الحقيقة و أقدس الأفكار و الأدلة و البراهين. أشهد لك بأنك أقوى من وضع ردا على د. عدنان إبراهيم فجميع من حاول أن يفعل هذا لم يرقى إلى ربع قوة طرح د. عدنان ! أنا يا أخي من تلاميذ د. عدنان الغير مباشرين ( التقيت به أكثر من مرة ) و أنا أتعلم منه كثيرا. و أشهد الله أننا لم نشاهد منه إلا التقوى و الفهم و التواضع و الحرص على الأمة. و شهد له كثيرون بهذا كما شهد بعلمه و عمق فهمه و متانة طرحه كثييير من العلماء. ليس في هذا الموضوع لكن في مواضيع كثيرة فهو عالم متمكن لا يستطيع أحد أن ينكر هذا لمجرد الخلاف معه في موضوع معين !!

    أنا شخصيا لم أحدد موقفي في موضوع معاوية لأني ما زلت تحت البحث و إن ملت إلى جواب فسأخفيه لنفسي لأني لا أريد أن أقابل الله بلسان مليء عن معاوية بغير دليل و برهان كاف !! لكن يا أخي أقترح أن تتهذبوا أيضا في الكلام عن د. عدنان و تحترموه لأنه صاحب علم و مجتهد و كلامه قابل للصواب و الخطأ ( كما هو كلامك ) فكونوا أفضل في الكلام عنه حتى لا تنفروا المسملين منه و تخسروا علما وفيرا من عالم متمكن لمجرد خلافكم معه في قضية معينة

    أتمنى أن أرى منكم من يأخذ بيده أمام كل الناس و يقول أنا أختلف معه لكن أحترمه لأن ديننا أقوى من أن يفرق من اختلف في فروعه. و أتمنى من الجميع فهم أدب الاختلاف حتى لا يفسد الأنفس و ينفر الناس منا !! انظروا إلى أدب الاختلاف بينه و بين د. سلمان العودة و بين د. طارق سويدان و بين د. محمد العوضي و غيرهم .. جميعهم يختلفوا معه في هذه النقطة لكنهم لم يهمشوه و يهمشوا علمه و شهدوا له بالتمكن من العلم الشرعي .. فكونوا مثلهم حتى تجتمع كلمة الأمة حتى لو اختلفت آراؤها 🙂

    احترامي لك و لرأيك حتى لو لم يطابق رأيي .. فاختلافك عني مكمل لي لأني ناقص
    باسل الحاج
    فلسطين – الإمارات – بريطانيا

  16. amal

    جزاك الله خيراً

    هنا رد للدكتور علي العمري

  17. Abu

    السلام عليكم/ إن كانت بضاعتكم صالحة فادعوه لمناظرة. فالرجل مانطق إلا بدليل، وما رأى رأيه بل نقل عن أعلام الأمة. جزاكم الله خيرا

اترك رداً على باسل الحاج إلغاء الرد